20.5.12

800 يا ديمة :) !

بسم الله الرحمن الرّحيم




تُقرأ في دقيقتين

بطبيعتي أكره كثيرَ الكلام، وكثرة الإستنكار وكلّ ما رادفه. أحبّ أن أصنّف من فئة قليلو الكلام وزخيمي الأعمال، لذلك أحاول التفكيرَ بطريقةٍ عمليّة في الدّرجة الأولى وأشجّع العمليين أكثرَ منهم أصحاب أفواهِ الهواء!

ديمة إغباريّة صاحبة ال17 عاماً من مدينتي مدينة أمّ الفحم، أصابت في قُطرِ المؤسسات الأكاديميّة 800 سهم، ونقشت أسمها بقوّة في ميادينهم. أعتقدُ أنّ ديمة الآن تعيش أروعَ أيّامها لما وجدته من اهتمامٍ إعلاميٍّ محليّ، وللإعلامِ الشّرفُ في ذلك. في الحقيقة أنا لا أعرفُ ديما لا من قريبٍ ولا من بعيد، وحتّى هي لا تعرفُ عن وجودي أصلا! ، وما كتابتي لهذه التدوينة إلّا لشعوري العظيم وفخري الكبير بهذا الإنجاز الذي رفع من اسم مدينتنا الحزينة. أذكرُ أنّ خبر العلامة قد تزامن مع حادثة القتل الأخيرة، مقتل السيّد أحمد أبو غزال رائد ميادين العِلم والتعلّم، والذي فجعَ له الوسطُ العربيّ أجمع. عندما نُشرَ الخبر ربّما لا تدري ديما كم بعثت في نفوسنا الأملَ والحبّ، فمِن أشخاصٍ بائسين تحوّلنا فجأةً إلى أناسٍ يعلمونَ جيّداً أنّ مدينتهم ولّادة، فاليوم قُتل أبو غزال غدراً، لكن وُلد من يكمل عنه هذا المشوار. لا أعلمُ إن لاحظتم كيف تغيّر خطابُ الفيسبوكيين بين ليلةٍ وضحاها فمن تعبيرهم: "راحت عليكي يا أم القتل" إلى "هاي هي أم الفحم اللي منعرفها!"

ما أودّ الوصولَ إليه أأبناءَ مدينتي، التغيير لا يكونُ من فئة واحدة ولا نعوّله على جماعةٍ أو كُتلةٍ بعينها. الكلّ شريكٌ بالتغيير. صاحبةُ ال17 عاماً استطاعت أن تقلبَ الكثير، وأنتَ في مكانكَ ومن وراءِ حاسوبِكَ تستطيع أن تكونَ إنساناً عمليّاً فعالا. لا يحتاج الموضوع سوى خطّة عَمَل، والأهمّ من ذلك هو التنفيذ. 
لاحظوا كيف يعترينا الأمل عندَ كلّ مشروعٍ مهما كان صغيراً يذكرُ عن مدينتنا. خبر تفوّق طلابنا، مجموعة شباب تنظّف مقبرة، مجموعة أخرى تزرعُ مقاعدَ في الطرقات، وأطفالٌ يلوّنون التسامحَ في مدارسهم. يقول د.عبد الكريم بكّار في إحدى إصداراته: "النّهضة ما هي إلّا مجموعةٌ المشاريع الصغيرة، والمبادرات الفرديّة، تشكّل معاً كتلةً كبيرةً تقودُ إلى النّهضة".
ليسَ هناكَ حلّ سحري للمشكلة، وإنما هناكَ مجموعةٌ من الحلول تتلخّص بعنوانٍ واحدٍ والذي ربّما لم يتطرّق إليه معظم المنظّرون والمستنكرون، وهو إحياء العمَل الخيري الجماعي، حتّى يغطّي على أعمال العنف والشّغب الموجودة. أعتقدُ أنّ العنف لن ينتهي، ولن نستيقظَ في أحدِ الأيام ونرى حلّاً سحرياً يبشّرنا بنهاية موضوع العنف وطيّ ملفه. العنف سيقلّل ويقنن فقط عن طريق زيادة المشاريع الخيريّة الصّغيرة في البلدة، ومن يدّعي أنّ لديه الحلّ السّحري فأقولها له بملئ فمي: "أنتَ كاذِب!"

أنا أحيي وأدعم كلّ مبادرةٍ حتى وإن كانت مجموعةً فيسبوكيّة، لكنّ مشكلتي مع هذه المجموعات هو اتقانها للكلام والطموحات السّرابيّة. أتمنّى أن نكفّ عن الأحلام، فمدينتنا لن يخرجها أحدٌ من قبرها سوى أبناءها العاملين. أترك شاشتكَ قليلا وانزل إلى الشّارع.. أنظر متطلباته، استمع إلى أناسه وانطلق بمبادراتكَ نحوَ التنفيذ. 

شخصياً أحضّرُ للعديد من المشاريع العمليّة، معظمها باتَ مخطط له على الورق في انتظارِ وقته للنزولِ إلى الميدان. لا أحبّ الحديثَ عنها أبداً أو أعلنَ لأحدٍ عنها لا من قريبٍ أو بعيد حتى أرى نجاحه باتَ وشيكاً. ولئلّا أنعتَ بالحالمِ الولهان!!
 

أتمنّى أن أرى أو أدعى إلى مبادراتٍ حقيقيّة في الأيّام القادمة!


* التدوينة مجرّد فضفضة لكثرة احتكاكي "بكثار الحكي" مؤخراً 
* كلّ الفخر بطلاب البسيخومتري في البلاد وخاصّة أبناء مدينتي أم الفحم.
* إن أعجبتكَ التدوينة أنشرها بين أصدقائك
* لا تنسوني من صالح دعائكم


يكتبها لكم،،
عُمر أبو صيام

هناك 5 تعليقات:

Ola يقول...

لم استطع ان امر من هُنا صامتة
لأنك وببساطة تحدثت بلسان حال كٌل البلدات العربية!
بأمكان اي شخص ان يُعيد قراءة التدوينة ويضع بدل "ام الفحم" اسم بلدته؛ وسيُصيب الهدف!

قد يكون للفيسبوك ولشبكات التواصل الاجتماعية الدور الكبير في مُجريات ربيعنا العربي.. ولكننا تشبثنا بالدعوة للثورة ونسينا النزول للميادين!
وفِعلًا؛ سئمنا مجموعات الشجب والاستنكار والمنشورات التي تُنادي باستئصال العُنف من مجتمعنا دون اي خطة تُذكر!

الامر مُعلّق بأيدي الشبيبة - فإما شحذُ الهمم والنزول للشارع ، واما فتح مجموعات افتراضية اضافيه للتجارة بالكلام..


بوركتَ على هذه الفضفضة :)
اسأل الله ان يجعلكَ من الناهضين في هذه الامة..

وكما قُلت آنِفًا - الكُل شريكُ بالتغيير

ريم مزاريب يقول...

مقالة جميلة جدا ، فعلا التغيير يأتي من مبادرات فردية ولو كانت صغيرة لتتجمع مع بعضها البعض وتصبح مشروع تغيير كبير جدا. ضروري جدا ان يبدأ كل واحد بنفسه ولا يلقي اللوم على الاخرين وفعلا سئمنا الذين يتكلمون كثيرا وينتقدون ولكن لا يفعلون اي شئ من اجل احداث التغيير ولو على الصعيد الذاتي فقط.

Nawel يقول...

السلام عليكم

نعم، أصبت أخي فالفارق كله في العمل وتنفيذ الخطط الإيجابية مهما كانت صغيرة ثم شيئا فشيئا تنتشر وتصير عادة، قد تلاقي في أول الأمر استغرابا أو حتى استهجانا من أصحاب الجمود، ومثالا على ذلك أعرف فتاة جامعية في بلدي الجزائر في كلية الشريعة قامت رفقة زميلاتها بتنظيف حديقة الجامعة من الأكياس والنفايات المترامية فكان أن تفاجأ كل من رأى تلك المبادرة رغم بساطتها ورغم كون النظافة جزءا لا يتجزأ من حياة المسلم وكثيرون أعجبوا بالمبادرة واستحسنوها ومنهم من شارك فيها...

تحياتي وتشجيعي

[ عُمر أبو صيام ] يقول...

عُلا، هو الموضوع كما ذكرتِ.. تشبثنا بالدعوة للثورة ونسينا النزول للميادين، للأسف لا أرى استغلالا صحيحاً للأدوات الإجتماعيّة في مناطقنا كما استفادت منه الشعوب الأخرى .. اسأل الله أن يصلحَ الحال، شكرا لحضورك :)

ريم، شكرا لوجودك.. الكلّ شريكٌ بالتغيير :)

نوال، مرحباً بكِ وبأهلنا في الجزائر العربيّ .. المبادرة رغم صغرها لكنني متأكّد أنها ستعيد الكرّة وستعود ربّما بمشاريع أخرى إن شاء الله ذلك أنّ المشاريع والعمل الخيري يبدأ بتحفيز بسيط على الأغلب .. اسأل الله لكم التوفيق والسداد .. شكرا لحضورك الدائم :)

مروة يقول...

تحياتي على مدونتك الرائعة وعلى طرحك وتحليلك للامور بعيدا عن السطحية والتنظير..

لا ادري ما اكتب تاثرت جدا لدرجة البكاء ولكنني اعرف يقينا بان من قلب بلدنا وبلادنا الطيبة سيخرج التغيير بايدي كل غيور على مصلحة البلاد والعباد وما دام بيننا اشخاص يمتلكون الحمية والغيرة على على البلاد واهلها فحتما سنكون بخير ...نسال الله الرحمة ونساله الهدى والصلاح ..