30.3.14

لماذا يتم تقديم الساعة والعمل بالتوقيت الصيفي

قمت بنشرها عبر حسابي الشخصي عبر فيسبوك في تاريخ 28/3 ، وارتأيت نشرها هنا للأرشفة



 (تقرأ في دقيقتين ونصف- للمهتمين)  

كانت البداية عام 1784 ، حين نشر المبعوث الأمريكي "بنجامين فرانكلين" فكرة التقليل من إضاءة الشموع في الصباح عبر مقولته "النوم المبكر والاستيقاظ المبكر، يجعل الرَّجل صحيحاً وغنياً وحكيماً" ، واستغلال ساعات الصباح الباكر لذلك، ولأنه لم تكن هناك ساعات رقمية دقيقة، استبعدت فكرة التوقيت الصيفي مطلقًا.

قضية التوقيت الصيفي شغلت العالم والدول الغربية منذ ذلك الحين، لكن لم تطبق أبدًا حتى عام 1916 أثناء الحرب العالمية الأولى، وكانت ألمانيا هي أوّل من بدأ بذلك الموضوع من أجل أن توفّر في طاقة الفحم، لتتبعها بريطانيا وحليفاتها لاحقًا ، ولتبدأ البرلمانات تتداولها بعد ذلك بغية تحسين الوقت.

في الحقيقة أنّ ساعات النهار تمتد فعلًا في الصيف وتقصر في الشتاء، لكن وفق الإحصاءات المختلفة، فإن ذلك قد لا يؤثر على كينونة وصحة الإنسان كثيرًا، إلا أن السبب هو اقتصاديّ بشكل مباشر، والهدف منه هو الاستفادة من الشمس وساعات النهار، والطاقة التي قد تستفيد منها بعض الدول من الطاقة الشمسية بشكلٍ أساسيّ، مع العلم أن دول خط الاستواء لا تقوم بتحريك عقارب الساعة أبدًا باستثناء مناطق شرقية في البرازيل، وتستفيد مناطق نائية من الكرة الأرضية من هذا الموضوع.

في اسرائيل وفي العام الفائت، بادر الوزير "جدعون ساعر" إلى العمل بالتوقيت الصيفي قبل موعده وذلك لنفس السبب بزيادة ساعات النهار والإستفادة من حفظ الطاقة، والذي لاقى معارضةً كبيرة لأسباب عديدة أولاها تأثيره على الزراعة مثلًا وعلى بعض القطاعات العاملة، رغم تقليله وفق ادعاء بعض الإحصاءات لنسبة حوادث الطرق بنسبة 3%-4% ، وتقليل ما نسبته 3% من استعمال الكهرباء، والذي يحدّد ايضًا من الميزانية التي تصرفها الدولة.

هناك من يعتبر التوقيت الشتوي توقيتًا قياسيًا (أنا منهم  ) ، وذلك لطول الليل الذي يعتبره الكثيرون ساعات فعالية أكثر، على خلاف ما تعتبره الحكومات الاوروبية، فبالنسبة للدول والمشاريع الاقتصادية بمعظمها تعتبر استغلال ساعات النهار أكثر وفرة، بالإضافة الى امكانية استغلال النهار لممارسة النشاطات الرياضية واستغلال وجود الشمس.

يبقى التوقيت الصيفي والشتوي وأفضلهما وجهة نظر بالنسبة لنا نحنُ الأفراد، لكنها تشكّل عقبة اقتصادية لبعض الدول التي قد تتأثر بهذا الموضوع، وهذا لا يقودني إلّا الى أن أستذكر أحداث فيلم “In Time” ، والذي تدور قصّته في العام 2050 ، حيث تطرح فكرة الفيلم موضوع أهمية الوقت وتقديره بالمال، حيث تحكي القصة عن تطوير العلماء مهندسو الوراثة البشريّة قدرة البشر منح بعضهم البعض مزيدًا من الوقت للحياة، فعلى سبيل المثال، قمتَ بالذهاب إلى مقهى وشرب فنجان من النس كافييه، تقوم بدفع ساعتين من عمرك للنادل بدل منحه النقود عن طريق مصافحة خاصة تتم فيها نقل هاتين الساعتين إلى عمر النادل، وبذلك تزيد من فرصته على العيش، وعليه عليك العمل من أجل تعويض هاتين الساعتين في عمل آخر مثلًا ! 
time is money, time is power 
تريلر الفيلم لمن يودّ مشاهدته ( http://www.youtube.com/watch?v=fdadZ_KrZVw )

قرننا التكنولوجي يُشعرنا كثيرًا بقيمة الوقت، على سبيل المثال، منظمو حفلات "ام كلثوم" في الماضي والتي كانت تمتد الى 4 و5 ساعات من أجل أغنية واحدة أو اثنتين، من الصعب عليهم التعامل مع هذه المعايير اليوم. مشكلة مسلسلات الدراما باتت في مأزق ملحوظ، لا يمكنك استقطاب المُشاهد على مدار 30 يومًا كما كنتَ تفعل في السابق، خاصة أن اليوتيوب يوفر ذلك بوقت أقل وأفكار مدهشة أكثر .. الإعلانات، الأجهزة وكلّ ما يدور حولنا يقدّم لنا نفسه على أنه الأسرع والأنجع، وهنا يكمن التحدّي !

التسارع التكنولوجي سبّب لنا ضغطًا متواصلًا وهائلًا من حيث لا ندري، ينكشف هذا الضغط عند تغيير التوقيت من الشتوي إلى الصيفي، ونكشف عن سجايا مكنوناتنا و"أهمية" أوقاتنا وهذه الساعة المسلوبة عند بدء التغيير .. رغم أنه قد لا يغيّر كثيرًا لو عدنا الى اوقاتنا قليلًا وحسبناها بشكل دقيق .. لكنها التكنولوجيا !

يا سادة نحنُ في عالم باتَ وكأنه لعبةٌ كبيرة بأيدي الأقوياء ، يحدّدنا الاقتصاد وتستغلنا التكنولوجيا من أجل تعميق وتطبيق ما تدعيه من طرح، ولا يسعنا إلّا أن نركض لاهثين وراء ما يُكتب لنا !

اللهم بارك لنا في أوقاتنا .. وارزقنا أن نستثمرها في كلّ خير 



عجبتك المقالة؟ شيّرها