ها قد مرّ شهران على الفصل الدراسي الأوّل لهذه السنة..
قدّر الله أن أكون العربيّ الوحيد في فصله, اللّهم سوى بعض المحاضرات والتي يشاركني فيها طالبٌ عربيٌ واحد وأحيانا ثلاثة!
يزعجني طبعي الإجتماعي أحيانا, حيث لم أتعوّد على أن أبقى وحيدا أو طرفا محايدا في أيّ مكانٍ أذهب إليه..
أذكر أنني دائما ما أكونُ على مقدّمة المجموعة التي أنتمي إليها, لا أحب أن أجلس منزوياً مثلا, أو أن لا أشترك بمختلف الفعاليات -وإن صغرت- وأكون المبادر والمخطط لها!
لكن الوضع اختلف كثيرا اليوم, وسبب كوني الطالب العربي الوحيد يخلق تلك الفوّهة وذاك الجدار الزجاجي بيني وبين عاداتي القديمة!, لربما يعودُ ذالك للغة أولا, وللهويّة العربيّة من جهة أخرى!. فرأيتني في اليوم الأول أكوّن صداقاتٍ كثيرة معهم, وأحاول أن أفرضَ وجودي بطرقٍ شتّى لأحافظَ على كياني, وبطبع اليهود المعروف, فهُم لا يُبدون لك ما في قلوبهم, كما نحاول نحنُ أيضا أن نخفي قليلا من وجوها لنتفق أننا في النهاية أولادُ عمٍ لجدٍ واحد!!
أستغرب جدا لفوضى العيون التي رسم لها كلا الطرفيْن مسارا واحدا, واتفقوا على أنّه السبيل الوحيد حتى نكمل أعوامنا الدراسية..!
كثيرون يمقتونني, وآخرون يكرهون هذه الشوكة التي تقف في حلوقهم لا يعلمون ما مصدرها. وفي المقابل هناكَ أناسٌ يُجبروك على إعادة النظر فيهم وبشبعهم, "أحقا يوجدُ أناسٌ من الشعب اليهودي بهذه الأخلاق الكريمة!", أحاولُ أن أفتّش في وجوههم عن تلكَ الإمارات التي اعتدنا عليها, وأقلّب خطوط أيديهم لأتسرّق ولو قليلا من تفكيرهم..!
قبل أيام كنت في الإذاعة, كان على كلّ طالبٍ في الفصل أن يجري مع آخر مقابلةً قصيرة يسأله فيها عن حدثٍ مهمٍ عصفَ بكيانه!, أحدهم كان جنديّا في الجيش الإسرائيلي, تحدّث عن عملية إختطاف الجنود الإسرائلين على الحدود اللبنانية مما سبب الحرب الأخيرة- حرب تمّوز 2006 -. روى لنا ما حدث هناك حيث كان أحد الجنود الذين تواجدوا في ذات الوقت عند حدوث عمليّة الخطف, وشاهد كيف تمّ إختطاف الجنود وأنا في قمّة الذهول..! . وعندما جاء دوري, تحدّثت عن قصة استشهاد أخي أحمد, وكيف قُتلَ بدمٍ بارد على أيد الشرطة الإسرائليّة, بل وتمت ترقية الضابط الذي قتله!
ما إن أنهيت, حتى عمّ السكوت أرجاء القاعة, بدأت الأنظار تتوجه الي, تفرّست فيّ العيون, ظننتُ للوهلة الأولى بأنني أخطأت الوصف وقلتُ بأنّ أخي قتل شرطيا بدم بارد!!
حتى لا أظلم أحدا, كثيرونَ هم الذين أبدوا أسفهم على ما حدث, على الأقل بعيونهم وتصرفاتهم!
لكن لا أعلم ماذا كان رأي الوجه الآخر, شعرتُ بقهقهات الشماتة تملأ أصداء قلوبهم..!
هي الحياة الجامعيّة في بلادنا هكذا, هنالكَ أقليّات تسعى لإيجادِ كيانها, وأغلبيّةٌ تحاولُ فرضَ أفكارها, صراع عنيفٌ بلطف! فالجميع يُظهر للجميع بأننا كتلةٌ واحدة, لا تفرقنا مجموعة حروفٍ أو مجموعة مبادئ شرعيّة!!!
ثمّ يُفجعكَ وجودُ أناسٍ يصمتون حينما يلمحوا ظلّك يأتي من بعيد, يحاولون أن يخفوا تلك الحروف العربية التي ستتساقطُ من أفواههم رغماً عنهم عندما ستحيّهم..! . لا أعلم لما تحضرني قصيدة للرائع أحمد مطر مطلعها:
إختفى صوتي | |
فراجعت طبيبي في الخفاء | |
قال لي: ما فيك داء | |
حبسة في الصوت لا أكثر… | |
أدعوك لأن تدعو عليها بالبقاء ! | |
قَدَرٌ حكمته أنجتك من حكم ( القضاء ) | |
حبسة الصوت | |
ستعفيك من الحبس | |
و تعفيك من الموت | |
و تعفيك من الإرهاق | |
ما بين هروبٍ و اختباء | |
و على أسوأ فرض | |
سوف لن تهتف بعد اليوم صبحاً و مساء | |
بحياة اللقطاء | |
باختصار… | |
أنت يا هذا مصابٌ بالشفاء ! أحبّ أن أستمع إليكم :) |
هناك 10 تعليقات:
ماذا تتعلم؟ واين؟
صحافة وإعلام .. في كليّة عيمق يزراعيل
شكرا لمرورك أخي :)
كلية مرج ابن عامر
اتق الله في وطنك ولا تتنازل حتى عن قطعة من اسمه
الرجاء ازالة تاكيد الاحرف عند التعقيب لانه مسخطة للمعقب
لا اله الّا الله .. :)
سبحان الله, عندما كتبت "عيمق يزراعيل" شعرت بأنّ هناك شيء ما سيلفت نظركَ قبل أن يلفت نظرك الموضوع ولما كُتب ههه ^^
على كلٍّ سأتقبّلها كنصيحة .. كليّة مرج إبن عامر :)
السلام عليكم .
مباركة يا عمر انطلاقتكم في عالم التدوين - مع انو المفروض نحكيها قبل شهرين - .
نسأل الله ان تنفع بقلمك امة الاسلام .
ومدونتك أنيقة وجميلة :)
وفيما يخصّ تدوينتك هذه فلديّ جملة صغيرة :
اللاسرائيليين يعرفون انهم على خطئ ومع هذا متسمكون بالارض ، ويعلمون ان الحقّ معنا ولكنها الوقاحة !
والسؤال ، لماذا لا نتمسك مثلهم وندافع بقوتة كقوتهم و الحق لنا والارض لنا والكل يعلم الحقيقة !!
وعليكم السلام أختي صفاء ,,
الله يبارك فيكِ يا رب :)
أعتقد متأخر فعلا .. لذالك بمساعدتكم رح أحاول أسد هالتأخير ^^"
اليهود شعب وقح فعلا وما بستحي .. ومثل ما بقولوها "اللي ما بستحي منّك ما تستحي منّه" ^^
أعاننا الله وإياكم على حمل المهمّة :)
السلام عليكم
مدونه جميلة وأسلوب راقي في التعبير ما شاء الله ^^
شكرا أختي ياسمينة
أسعدُ جدا بمروركِ من هنا
أتمنّى أن تتابعينا ^^
نحن على ثقة بأنكم لها أخي الكريم =)
نحوالتألق والابداع إستمر .. !
كُن متميز .
شكرا لك :)
اسأل الله الدعاء
شكرا للمرورك ^^
إرسال تعليق