بسم الله الرحمن الرحيم
كثيراً ما يثيرُ إعجابنا أناسٌ لا نعرف عنهم سوى أسمائهم، أو لربّما لم نرى من أفعالهم ما يُذكر كالسياسيين أو الإعلاميين على حدٍّ سواء. ودائماً ما يكونُ المبرر لذلك هو "لسانهم" المغمّس بالشهد الصافي، وربّما ننعته بالمفوّه جراء ذالك. لذا، سأحاول الآن بهذه التدوينة أن أطرقَ بعض الأبواب والتي - ربّما- من شأنها أن تعيد نظركَ في بعض الأمور وبعض السلوكيّات هُنا أو هناك.
بدايةً طريقة الكلام
إحدى مميّزات الزمان الذي نعيش فيه هو الطريقة التي تعبّر فيها بحديثك عمّا تريد وأحياناً دونَ الأخذ بعين الإعتبار لماهيّة الكلام بعينه، بمعنى أنّك قد تقول كلاماً جوهريّاً حكيماً لا تشوبهُ شائبة ينمّ عن شخصيّة فذّة فهمت ما يدور حولها، ولكن ربّما قلته بعصبيّة زائدة، أو بصوت مرتفع غير مناسب للجلسة، أو لربّما تكلّمت بإنفعالٍ زائد أو هدوءٍ زائد. قد تفاجأ بأنّ ما قلتَه لم يدخل قلوب من استمعوا إليك، أو لربّما ستوجّه لكَ الإنتقادات التي لم تتخيّل أنّك ستسمعها.
مثلا: أن يتناقض معكَ شخصٌ في رأيه بالنسبة للثورة السّوريّة!، والواضح جداً لكَ ولربّما لجميع من في الجلسة أنّك على حق، فتبدأ أنتَ بالصراخ ومحاولة إثبات رأيكَ الواضح وضوح الشّمس وربّما تجلب الأدلّة والشواهد والثوابت، بالمنطق والبيانات الحقيقيّة، ويبدأ هوَ بالدفاع أيضاً عن نفسه ولكن ربّما بطريقة مختلفة، هادئة ومنمّقة، ليس لديه دلائل لكن لديه الطريقة الجيّدة. صدّقني ستخرج أنت في النهاية الخاسر الوحيد وربّما تجلب لكَ المزيد من المعارضين. ألم تسمع أحدهم يقولُ لكَ يوماً: "هاد الشّخص بعرِف كثير أشياء .. بس مشكلته بالطريقة! "
أعطِ كلّ موضوعٍ حقّه أثناء كلامكَ في أيّ موضوعٍ كان، لا تنفعل كثيراً ولا تتحدّث بصوتٍ منخفض كثيرا. حاول أن تبدو واثقاً بنفسك، ويأتي ذلك بتكلّمك بالأشياء التي تعرفها وتحفظها جيّداً. إبتعد عن الأمور التي تتشكك فيها خاصة إن كان الذي يقف أمامك مثقّف جدّاً وصعب المِراس. استمع وأعطِ خصمكَ أن يقولَ كلّ ما يريد واستمع إليه حتى ينتهي، لأنّه سيعطيكَ ذلك في النهاية وستعبّر عمّا تريد عندما ينتهي وإياكَ ثمّ إيّاك أن يستفزّك بحديثه، لأنّ السّحر سينقلب عليك في النهاية. لا تجادل الشخص الذي يودّ الجدال وفقط الجدال، بل فضّل الإنسحاب لأنّك ستخرج من النقاش ولم تقل شيئاً وسيغيظك الأمر بالتأكيد. ناقش الأشخاص القابلين للنقاش والإستماع لوجهات النظر الأخرى لأنّ الفائدة ستعمّك قبل أن تعمّهم أيضا.
إختار الكلمات اللطيفة والمناسبة
طريقة إختياركَ للمصطلحات الجميلة واللائقة حتى وإن حوَت ذات المعنى، فأن تقول عن شخص "أعمى" تختلف عندما تقول عنه شخص "ضرير" .. أو أن تقول رأيكَ في شيء ما "إشي بخزي" تختلف عن قولكَ "جميل ولكن ينقصه كذا وكذا" بالرغم من تطابق المعاني.
حاول إنتقاء الكلمات والمصطلحات اللطيفة والتي تحبّ أن تُقالَ لكَ، دون تجريح أو طعن، فالمتلقي يخزّن كلّ كلمة تقال له، وقد تسبّب له الإحراج وربّما الإحباط دون قصدٍ منك سوى أنّك صريحٌ للغاية "واللي بقلبك ع راس لسانك" ! .. المجاملات الكاذبة مشكلة والصراحة المطلقة مشكلة، فكن بينَ بين، واستعمل كلماتٍ من شأنها أن تعزز بالنّفسِ الطموح دون الحاجة للكبت.
حاول إنتقاء الكلمات والمصطلحات اللطيفة والتي تحبّ أن تُقالَ لكَ، دون تجريح أو طعن، فالمتلقي يخزّن كلّ كلمة تقال له، وقد تسبّب له الإحراج وربّما الإحباط دون قصدٍ منك سوى أنّك صريحٌ للغاية "واللي بقلبك ع راس لسانك" ! .. المجاملات الكاذبة مشكلة والصراحة المطلقة مشكلة، فكن بينَ بين، واستعمل كلماتٍ من شأنها أن تعزز بالنّفسِ الطموح دون الحاجة للكبت.
مثلا: عندما يُريكَ شخصٌ ما تصميماً أو شيئاً قام بصنعه بنفسه، لاحظ كيف يكونُ منفعلاً ويودّ فعلاً سماع كلمةٍ طيّبة بالرغمِ من أنّه ربّما مبتدئ أو ضعيف في ذات المجال. ضع نفسكَ مكانه، أيّ العبارات كنتَ ستنتقي:
- أنس.. شوف هالتصميم، أنا صممته .. أمانة قلّي رأيك بصراحة ( )
- مم شوف عُمر .. أنتي تعرف أنّه اللي بقلبي ع راس لساني وبحبّش أجامل .. ممم مش حلو التصميم كثير.. يعني عادي، روح شوف محمّد جارنا كيف بصمم وتعلّم منّه .. أنا بزماني كنت أصمم بس بعد ما صرت أشوف المصممين لكبار يأست .. إحنا العرب مدفونين يا زلمة أنو بدّه يطلّع علينا ! (تحاولوش تتخيّلوا كيف وجه عُمر )
- أنس.. شوف هالتصميم، أنا صممته .. أمانة قلّي رأيك بصراحة ( )
- مم شوف عُمر .. أنتي تعرف أنّه اللي بقلبي ع راس لساني وبحبّش أجامل .. ممم مش حلو التصميم كثير.. يعني عادي، روح شوف محمّد جارنا كيف بصمم وتعلّم منّه .. أنا بزماني كنت أصمم بس بعد ما صرت أشوف المصممين لكبار يأست .. إحنا العرب مدفونين يا زلمة أنو بدّه يطلّع علينا ! (تحاولوش تتخيّلوا كيف وجه عُمر )
بينما النموذج الآخر:
- مم حلو عُمر .. الألوان اللي مستعملها ربيعيّة وحلوة وخاصّة اللون الأصفر، وفكرة الزلمة اللي واقف هيك عجبتني ذكّرتني بلوحة لواحد فنان أجنبي .. ومعجبني توقيعك هين بالزاوية، زي هدول الكبار .. بس لو تغيّر هين شوي بوقفة الشخصيّة، ولو تزيد هين ظِل وشويّة طيور مع قمر وأوراق شجر بتعطي واقعيّة وقوّة أكثر للصورة .. مثلا جرّب شوف موقع الفليكر بتلقى ناس مصممة بنفس الفكرة .. جرّب شوف عشان تطور، لأنّه الموهبة عندك وذوقك حلو بجد .. مش تنسى تفرجيني كل إشي جديد إلك !
هل لاحظتم الفرق؟ ذات الكلام قيل لكن بصورٍ مُختلفة، الأوّل لم يقصد الإساءة، وفعلا لم يرد الكذب على صاحبه من أجل أن يفرح بل قال ما في قلبه (بس روح فهّم صاحبه هالكلام!) ,, بينما الحوار الثاني قال كلّ ما يدور في باله أيضاً دونَ كذب وحوى بداخله (نصيحة+ تشجيع) دون تملّق أو نفاق ..
لغة الجسد
تعتبر لغة الجسد من إحدى الفنون المثيرة والتي تدرّس بشكل رسمي وجدّي في الجامعات والمعاهد العُليا، وفي هذا الموضوع ألّفت عشرات الكُتب والتي تبحث في أنّ للجسد لغة معيّنة تخرج بعفويّة يعبّر فيها الجسد عما يدور في القلب، سأطرح بعضها هُنا حتّى تنتبه لها ..
الكلام والإشارة باليديْن: ربّما تعتبر طريقة تجسيد الكلام بحركات وإيمائات باليدين من إحدى الطرق النّاجعة في إيصال الفكرة إلى ذهن المستمع وطريقة فعّالة جداً في الإقناع. مثلا عندما تقول "كبير" تشِر بطريقة معيّنة بيديك بكلمة "كبير" .. أو كلمة "تدرّج" تقولها بمرافقة حركة درّج باليد وهكذا
الجلوس مكتوف الأيدي: إذا لاحظت أنّك تكلّم شخصاً يكتّف يداه فاعلم أنّه ربّما خجل منك، أو لا يريد الإقتناع، لذلك سارع بمحاولة إقناعه (مستعملاً الطرق التي ذكرتها أعلاه مثلا)، حتّى يفكّ عقدة يداه. وحتى تفكّها ابدأ بطرح النقاط المشتركة بينك وبينه، أو الدخول إلى تفاصيل حياته الخاصة كهواياته وما إلى ذلك، سيشعر عندها بالإرتياح، وسيفكّ يديه (دون دراية منه) ، عندها ابدأ بعرض رأيك الشخصي بكلّ سلاسة وثبات .. لاحظوا الفرق وقتها !
فرك الذقن بالإبهام والسبّابة: لو فعلها أحدٌ معك فهذا ربّما يدلّ أنّه مشككٌ بكلامك، أو أنّه غير واثقٍ بما تقول، لذا حاول سؤاله عن رأيه بالموضوع، ثمّ إطرح دلائلكَ والبراهين بذالك.
وتطول الأمثلة في ذلك، ذكرتُ بعض ما يهمّني ويخدم الموضع، تستطيعون مراجعة الكتب التي تعنى بهذا الأمر
أتمنّى أن تكونَ هذه التدوينة قد أضافت لكم قليلاً، وللأمانة الأدبيّة فجميع ما قرأتموه هُنا هو بالإضافة إلى تجربتي الشّخصيّة، استوحيتُ بعض الأفكار والمعلومات من بعض الكتب التي قرأت وأهمّها إصدارات الدكتور عبد الكريم بكّار، الدكتور شريف عرفة، الأستاذة سميّة عبد الكريم بكّار.. اسأل الله أن يجزيهم عنّا خير الجزاء
يكتبها لكم،،
عُمر أبو صيام
هناك 10 تعليقات:
مـــــــــــــبدع بلا حدود^ـ^ بس لو كان سامي المحاور مش أحسن انس منيح وفش مثله بس سامي بنطبق عليه كل شي
!^ـ^
نسيت اكتبلك الاسم بالتعليق "مبــــدع بلا حدود مش لو سامي ,,,,,,,,,,"
ميمونة صيام
مبــــــدع بلا حدود^ـ^ بس لو كان سامي المحاور مش أحسن أنس منيح وفش مثله بس سامي بنطبق عليه كل شي^ـ^!
محمد وحيد محاجنه :-
مشكلتنا اننا ننظر للمبدع على بعد متر واحد فقط ..
ان هذه الصورة هي اقصى إمكانياته !
ان هذه القصيدة اقصى امكانياته !
ان هذه التصميم هو انضج شيء يستطيع الوصول اليه ..
طبعاً انا لا اطالب بان يكون كل الاشخاص نقاد فنحن نعلم البيئة الاجتماعية
والخزعبلات التي تسكن رؤوس هؤلاء الاشخاص ..
لكننا بدل ان يساعدو الشخص على صقل موهبته ..
يجعلونها تدخل دائرة التيأييس .. والتحجر .. والتحنط ..
واحيانا بدل ان يناقشو الفكرة .. والنتاج الابداعي
وبدل النقد .. يدخل وحش يسمى (( انتقاد شخصي ))
وقد لا يخفى عليك ان الامر في هذه الحالة مريع ..
ولان المبدع تختلف شخصيته عن الاخر ..
فهناك مبدع يتأثر من الانتقاد لشخصه ..
ويدخل دوامة (( جلد الذات )) .. ليتسائل في قرارة نفسه
من أنا ؟ هل انا شخص مبدع ؟ هل امتلك المقومات ؟ هل اللايك والكومينت
دليل قاطع على وجودي ؟ وهل انا استحق هذه المكانة ؟ الخ الخ ....
هذه احدى مقومات المبدع .. اللجوء للنفس والحوافز التي يتلقاها
في كل ضربة .. ليعيد تكوين نفسه من جديد اقوى من ذي قبل !
بكل بساطة المبدع الحقيقي .. يعلم البيئة التي يعيشها جيداً ..
يعلم الفراغ الذي يعيشه هؤلاء الاشخاص .. الذي لا يملكون شيئاً
سوى الفراغ ويعلم ايضاً - ان - الابداع يهدد وجود غريزتهم التي تعتاش
على خزعبلات وسخافات ..
بكل بساطة هناك ايضاً مجموعة تجامل حتى الثمالة !
لكي ترضيك كشخص .. في هذا الزمن فقط إبحث عن شخص
لا يجامل شخصك , ولا ينتقد شخصك ,
وانا لا اطالب ان يطرز ثوباً على مقياس عقلك وفكرك .. وردة فعلك ..
فقط يقيّم انتاجك الابداعي باسلوبٍ يعمل على تحسين انتاجك ,
واظهار انتاجات اكثر نضجاً , فصدقوني ستتيقن ان هذه الموهبة ..
قد نمت وانك قد تكون من خلالها اكتشفت موهبة فيك وهي انك
تحفز موهبة على صعود سلم النجاح ..
عزيزي عمر ..
مثلاً سأقول بصراحة مطلقة وبدون مبالغة انك تملك خصال
(( الهمة وتفعيل الذات والاخرين )) ..
التي قد لا يلحظها اخرون .. او يعتبرونها امر للتسلية ولتمضية الوقت !
موضوعك مفيد , اشكرك ..
وتقبل فائق تقديري واحترامي .
waaaaaaaaaaaaaaaaaaaaw lah ybarek je sais pas kach nekchjkorkom mawdou3 vraimen 3jebni w mRç bCp
جزاك الله خير , كلام في قمة الروعة
بارك الله فيك علي الموضوع الجميل
باااااااارك الله فيك والموضوع في قمة الججمال انا استفدت بصراحة
مرررررة حلو
http://www.goeng4u.blogspot.com
إرسال تعليق