12.3.12

كيف تتفاهم مع من هو مُختلفٌ معك؟!

بسم الله الرحمن الرّحيم




تُقرأ في 4 دقائق


منال تحبّ وليد، ووليد كذلك. لذلك قرّرا أخيراً الإرتباط، ووضع النّقاط على الحروف.. كم هُما جميلان!
منال فتاةٌ جذّابة، جميلة، ووليد شخصٌ أنيق، وشخصيّته مميّزة.. يحظى بإهتمامٍ بالغ ممن هم من حولَه كونه شخصٌ مثقّف ولبقَ الكلام وصحيحُ اللّسان، وربّما هذا ما دفع منال للإعجاب به وبشخصيّته، وكثرة كلام الإعجاب من قِبل الفتيات به. منال تتلذّذ عندما ترى هذا الإلتفات من قِبل الفتيات نحوَ وليد وتشعر أنّها تملك الكوْن عندما تتذكّر أنّها تملك هذا الشّخص، لذا يزيد هذا الأمر من حبّها لهُ دون سواه.
مؤخّراً بدأ سوء التّفاهم وتوتّر العلاقة بين منال ووليد. فمنال بدأت بالإختلاط كثيراً بالرّجال ومحاولة جذب إهتمامهم تماماً كما يفعل وليد، وبررت ذلك أنّها تحبّ هذا الأمر في وليد، محطّ إهتمام الفتيات.. وبالتّأكيد وليد يحبّ أن يراها محطّ إهتمام الغير، ليشعر بنشوةِ تفرّده بها تماماً كما تشعر هي. أمّا وليد فهو شخصٌ محافظ ولا يحبّ أن يرى خطيبته إلى هذا وإلى ذاك، ولا يحبّذ هذا الإختلاط رغم "حُسنِ نيّتها" !

هكذا نحنُ تماماً، نعاملُ من هُم أمامنا من وجهةِ نظرنا نحن، متوقّعينَ حُسنَ صنيعنا ومبررينَ ذلك بـ "حُسن النيّة". وفي حالِ تصادمِنا مع التّصرف الذي لم نتوقّعه نستهجن ذلك ونستغربه كوننا لم نقصد هذا!
 ليس بالضرورةِ أنّ كلّ ما تفضّله حضرتك، يفضّله من هو أمامك. وليس هناكَ أيّ عيبٍ في هذا، عُمر يفضّل عصير الخوخْ بينما زَيْد يكره كلّ ما يبدأ بحرفِ الخاء!. وإجبارُ شخصٍ على شيءٍ لا يحبّه قد يعتبرها البعضُ قلّة أدبٍ أو "ثقلة دمّ" على الأغلب.
ولكن بطبيعتنا البشريّة نحبّ دوماً أن يشاركنا من نحبّ بأمورٍ نحبّها، مثلا، خرجتَ أنتَ وخطيبتكَ إلى مدينة الملاهي، وبدأتَ بسلسلةِ الإقناعات أن تركبا معا لعبة "الأنكوندا" لكن دونَ جدوى، فعقلها الباطنيّ قد بنى لنفسه جدار الخوفِ من خلالِ تجاربَ أناسٍ سابقين.



ما الحل؟!

لو كنتَ مرتبطاً، أو إجتماعيّا جدّا، حاول أن تلامسَ بعض ملامحِ الشّخصيّة التي أمامكَ وميولها قبل أن تطلق الأحكام والتوقّعات في الهواء، وحتى لا تقع في إحراجاتٍ أنتَ بغناً عنها. إطرح بعض الأسئلة بشكلٍ عفويٍّ على من أمامك، وكُن مستمِعاً جيّداً (راجع تدوينة فنّ الإنصات). دعه يتحدّث عن نفسه قليلاً، ميوله، هواياته، طموحه وما إلى ذلك. بعد أن ركّبت "البروفايل" الخاص به، انطلق وكُن حذراً خاصّة إن كنت ستختار شريكة حياتك، أو شريكاً لكَ في شركة أو صديقاً زميلا لك.
مثلاً، أنتَ شخصٌ لا تقدّر الفنّ، وترى في الرّسم مجرّد ترفٍ وتضيعة وقت ليس أكثر، وأصلاً أنت تحتقرُ الرّسامين! .. لو بدأتَ بشرح نظريّتك اللولبيّة عن الرّسامين والرّسم ومن أمامكَ هو رسّامٌ سابق فهناك خوفٌ على سلامتك!

تحضرني الآن قصّة" تيودور روزفلت"، الذي كان كما يشهد الذين قابلوه، واسع الأفق، وافر الاطلاع، فهو قادر على أن يتحدث عن ركوب الخيل وصيد السمك وعن روعة أدغال افريقيا، وارتقاء علم التشريح مع ما في ذلك من التناقض فهل كان موسوعيا حقا؟ كلا، وانما كان يعرف نوع الحديث الذي يظنه يلقى هوى في نفس زائره الذي ينتظره فيقرأ عن موضوع اختصاص ذلك الزائر أو نزعة هواه. وهذا هو سرّ ادخال السرور الى قلوب الناس. حدّثهم فيما تظنهم يودون الاستماع اليه أولا وبذلك تستدرجهم إلى التحدث الشيّق اللذيذ فتصغي لهم بشغف، ويعتبرونك محدّثاً بارعا تستطيع جلب مسرّتهم.

لو كان صديقك مهتمّاً بالرّياضة، وتلحَظُ إهتمامه الزّائد في ذلك، فلا بأس في أن تشاركه حضور مباراةٍ ما. صدّقني سيشعر بطعمٍٍ آخرَ للمباراة!. وإن كانت شريكة حياتكَ مهتمّة بأصولِ الغناء، أو ربّما بالعلوم الفلكيّة فحاول إثراء نفسكَ وسؤالها عن بعض مركّبات الموضوع.. ثمّ أضف إليها ما قد نسته .. ستلاحِظ كم هو ممتعٌ الجلوس معها !

النّقاط المشتركة بين المختلفين تكونُ ذا رونقٍ مُختلِف، وإيجاد هذه النّقاط لا تحتاجُ إلى عبقريّةٍ فذّة، إنّما إلى قليلٍ من الإجتهاد وبعضاً من الإطلاع على مركّبات الشخصيّة التي أمامك. وربّما هذا ما يفعله أطباءُ علم النفس حتى يستطيعوا أن يدخلوا إلى نفسيّة المريض، حينما يبدأون بالتحدّثِ معه عن الأمور المحببةِ إليه حتى يلامسوا قلبه وبالتالي التخفيف عنه.

كُن أنتَ طبيب النّفسِ مع من تحبّ، لعلّه بعضُ الوقت تقضيه على الويكيبيديا مثلا، أو جوجل لتبحثَ عن الموضوع الذي تريد، وبعدها انطلق :) !


* الأفكار مستوحاة من كتاب "لماذا من حولك أغبياء" للدكتور شريف عرفة
* آرائكم واقتراحاتكم تهمّني
* آمل أن تنال التدوينة إعجابكم

يكتبها لكم،،
عُمر أبو صيام



هناك تعليقان (2):

Nawel يقول...

السلام عليكم

فعلا طريقة مجدية حسن الإصغاء للآخر، فبه يتفهم نيته وووجهة نظره ويتفادى خلافا لا جدوى منه ولا معنى له..

ربما كان من المفيد أيضا أن يكون العنوان "كيف تتفاهم مع من هو مختلف عنك" :)

تحياتي على المعاني الهادفة

غير معرف يقول...

أنت إنسان ملهم عُمر :) رااائع جقا :)
رغم أني قرأت مرارا ما أسلفته هنا في التدوينة سابقا في كتاب " الرجال من المريخ النساء من الزهرة " وايضا في كتاب اخر هو " اسطورة الحب " للاستاذ كريم الشاذلي إلا أني إستمتعت جدا باستيطاني اربعة دقائق فخرا بين حروفك !

عُمر أخي العزيز

دُمت لأهلك مثقفا مِعطاء :))

تلميذتك،
حُنين.