27.12.10

ثقافة المُـتـــاح ~

بسم الله الرحمن الرحيم

مرحبا بكم مجددا ... أتمنى أن تكون المواضيع التي أطرحها هُنا تعنى فعلا بذوائقكم, فأنا فعلا أحاولُ جاهدا أن أضع أفكاري وجنوني هُنا لكن بالطريقة التي تحبون, وأحاول قدر المستطاع أن لا أطيل عليكم الكلمات لمعرفتي المسبقة أن قرّاء المدونات -عادة- لا يحبون المواضيع الطويلة بشكل عام, لذا أرجو ممن كان لديه ملاحظات على المواضيع التي تنشر هنا أو يود أن أتطرق لموضوعٍ معيّن أن يراسلني على بريدي الإلكتروني abosyam.8@hotmail.com أو هنا في التعليقات .. :)

نعود لموضوعنا الجميل, والذي أكنّ له مودة خاصة! وهو "ثقافة المتاح" أو "الفنّ المتاح" ..
كانت المرة الأولى التي سمعتُ فيها عن هذا الفن أو هاتيك الثقافة عندما كنتُ في الخامسة عشرة من عُمري, سمعتها للمرة الأولى عن طريق قصّة النبي صلى الله عليه وسلم المعروفة, والتي فيها أنّ أحد المشركين وجد النبي صلى الله عليه وسلم قد نام تحت شجرة وقد علّق سيفه عليها, فنزل عليه على حين غرّة وتوشّح سيف النبي وأطلقه في وجهه قائلا: يا محمّد من يمنعكَ منّي؟ فقال النبي بثقة: الله. فسقط السيف من يد المشرك ليتناول النبي, فسأله النبي: وأنت الآن من يمنعكَ مني؟ فقال الرجل: يا محمد, كُن خير آخذ!, فقال له النبي: أتؤمن؟ قال: كلّا. قال له: أتمنعُ الأذى عنّي؟, فقال الرجل: نعم, أمنعه عنك. فتركه النبي لحال سبيله! يروى أنّ الرجل قد أسلم بعد أن تركَ النبي ..!

ما هو الفن المتاح؟
الفنّ المتاح هو أن تقوم بإتقان الشيء بالأمور الحالية المتاحة لك في الوقت الحالي، بمعنى أن تقوم بالعمل بالإمكانيات المتاحة لك، وبعد أن تتقنها وتحسِن بها, تستطيع التقدم وتطوير الأمر..!
نلاحظ أنّ النبي في قصتنا قد استعمل هذا الفنّ بشكلٍ جميل جدا, حيث أنّه استعمل ما قد أتيح له في الوقت الحالي, فالرجل رفض الإسلام لكنّه قبِل كف الأذى عن النبي, لنلاحظ فيما بعد أنّه قد أسلم وهنا تحقق الفن المتاح. لم يأخذ بالتطبيق 100% إلّا أنه نجح ب50% في الوقت الحالي, وأكملها حتى المئة في وقت لاحق..!
ثقافة المتاح هي بداية الطريق, فإن قام كلّ فردٍ بتطبيقها على أمور حياته الشخصية وأحسنَ بها, حتما سيجرّه الأمر نحو النجاح .

سأتحدّث قليلا عن تجربتي بالرغم من بساطتها, والتي أظنّ أنها مثال مقبول لتطبيق فن المتاح, علّها تخلق بعض الحماس لتجريب هذا الفن كوني لا أختلف عنكم أبدا ^^ (يعني مش مثل اللي بالتلفزيون ^^")
كانت تجربتي في تطبيق ثقافة المتاح في التصميم, حيث بدأت العمل على برامج بسيطة كان أولها "برنامج الرسّام" والذي يتواجد في كل حاسوب, ثم أنتقلت الى برامج أكثر تطورا, وكلّما أتقنتُ برنامجا انتقلتُ لآخر, كنتُ أشعر بأنّ البرامج المتاحة لي في البداية لا تكفي, ويلزم العمل على عدة برامج في ذات الوقت, شعرتُ بالإحباط كثيرا, وذات مرّة قررتُ أن أنهي علاقتي بعالم التصميم, تركتُ المجال ما يقارب الأربعة شهور, لإحباطي الشديد وعدم اقتناعي بالبرنامج الذي كنت أعمل عليه في تلك الفترة!
عدتّ للتصميم, مرّت سنتان وأنا أحاول أن أسيطر على برنامج جديد, برؤية جديدة وعقليّة المتاح, حتى وصلت لمرحلة أظنّها جيّدة جداً, وصلتني فيها عروض من مختلف الشركات الكبرى, وكانت إحداها شركةً أوروبيّة!
طبعا لا أدعي الفن, ولا أدعي بأنني قد بلغتُ أعلى مراتب الإحتراف, إنما ما أعتبرُ نفسي مصمما صغيرا هاوياً, ولا أملك سوى بعض نقاط التميّز لا غير, ثمّ ليس الهدف هُنا لأسرد تجربتي بقدر ما هو عرض لتجربة شخصيّة مع ثقافة المتاح.

أحبّ أن يطلق على هذه الثقافة أيضا بفن, لأنّ إيجاد جميع الإمكانيات المتاحة لك هي فنّ بحدّ ذاته. لذا حاول تطبيق هذا الفن على كافة أصعدتك الشخصية سواءا كُنتَ مدرّسا, أو طالبا, أو عاملا في أحد الأماكن على اختلاف نوعها..!
ولا تنسَ أن ما قد يتاحُ لك اليوم، قد تفقده غداً، فاعمل وأحسِن حتى يتسنّى لكِ التقدّم بسرعة أكبر وبطريقة مبرمجة ومخططة، حدد هدفك، واسعى لتحقيقه بفنّك المتاح..

منذ مدّة وجدت للأستاذ أحمد الشقيري كلمة موجهة للإعلامين بشكل خاص وللجميع بشكل عام يحثّهم فيها بالعمل بثقافة المتاح, لأنّه هو أصلا كان قد طبقها يوما وما زال يطبقها, لنشاهد معا ما يقول



لاحظوا كيف أنّ الفن ليس محتكر أبدا، دولٌ تنتهج هذا الفن، وأناسٌ هم من الطراز الثقيل يستخدمون هذه الثقافة أيضا ..



أسعد بسماعِ آرائكم :)

ليست هناك تعليقات: