24.3.11

ذاكرةٌ تحتَ المطر





هاي هيَ السماءُ تمطرنا من فيضها
كما تمطرني الذاكرةُ تماماً
بذكرى أيامها العتيقة..
كلّ حبّة مطرٍ تنفجرُ 
أرضاً
تحملُ بين ثناياها
حرّ الأيام الأولى
ورغبة الحبّ الأول..

الجو باردٌ، والبعدُ حار!
وأنا قامعٌ بينهما
أحتارُ إلى أيِّ الأطرافِ
أُنتدب..!



ضرباتُ المطرِ
في أرجاء الأرض

بعنفِ السقوط، وقوّة اللقاء
وكأنها تنتقمُ من الشمسِ
التي حجبتها كثيراً

عن عشيقتها الأولى
وحِبها، يذكرني كثيراً
بشغف العاشقِ الصغير
الذي انتظر أن ترسمَ
ذاكرته
لقاءاً فريداً آخر

بعنفِ قطراتِ المطر،
وصوتِ زخّاتها على
الأسطحِ المعدنيّة..!
لكن سرعانَ ما 
تتلاشى الحروف
وتنتحرُ الأرقام
وتعودُ المشاعرُ إلى جحورها
تماماً كما تفرضُ الشمسُ
حظر الهطولِ على
حبيبات الأمطار،،
وتأمرها بالتبخّر مجددا
إلى أمّهاتها من السحاب
ثمّ تبدأ بالمناوءةِ
حتّى تعرقلَ وصولها
تماما كما تفعلُ 
الأيام..!


لماذا يبدو الحبّ أحياناً
كسحابةٍ سوداءَ في الرّبيع!
سرعان ما تتبدد وتشتتها 
مجرّد أشعةٍ لطيفة!
ولماذا يصبحُ الحبّ الذي كان يوماً
كريحٍ صرصرٍ عاتية
تعصفِ بكيان ذاك القلبِ المسكين
مجرّد نسمات هواءٍ
تصحبها رائحةُ زفيرٍ
ربّما يكون نتنا في أحايين أخرى؟!
هل لنا أن نمنع تبخّر الماء؟
هل يمكن حصر أشعة الشمس 
في مكان، وآخر لا؟!


ربّما كان الحبّ زنزانةً
من نوعٍ آخر
في مكان آخر
لا يتذوّق مرّها 
سوى مجانين من كوكبٍ آخر!
لقد بات الجنون طقساً 
من طقوسنا اليوميّة هنا..
وبات الكلُّ يدّعي للكلِّ
بأنّه "الكلُّ بالكل"!
وقلّما تكللت كليّته بكلٍّ
غير هذا الكلّ..!


بدأتُ بالتشرذم..
وأشعرُ بأنني سأنسجُ 
بخيوطٍ غير تلكَ التي اخترتها
تحتَ زخّاتِ المطرِ هذه..
سأسكت، وأكتفي ببعضِ
رسالاتٍ لحاضرٍ ومستقبلٍ
ربّما أراه بين يديّ الآن..
أصلّي بحفظه لي،
في أيّ وقتٍ كان
ليس كحبّات المطر
بل بكثافةِ السحّاب!


:)




                                                                      24. آذار. 2011
في يومٍ ممطرٍ آخر
 أثناء إحدى المحاضرات!


هناك 6 تعليقات:

نعمه فقير يقول...

الحُب لا يفهم ، و لا يُهرب منه يا عُمر :)

حرفٌ قوي .. دام إن شاء الله

[ عُمر أبو صيام ] يقول...

نعمه: أحيانا لا بدّ من الهروب، لأنّ الأيامَ تجبرنا على الهروب، لا لشيء، فقط لضمان السلامة!

سعدت بوجدك هنا :)

Ola يقول...

لعّل توارده عليكَ كَفصول السنة يَجعل لمواسمه بهاء ورونق خاص..
تنتظرهُ بشوق بين الفينة والأخرى..


رائعٌ :)

سندس ابوهلال يقول...

كلمات رائعه تخفي بين طياتها الكثير من المعاني

حفظك الله .. نتظر ابداعتك

حِـــــــبُ الأقصــــى يقول...

السلام عليكم

ابكيتني يا عمر :)

الحــــب من المطر قطرات ؟

الحبــــ طوفان يعصف الذكريات

يعتق الالم بقوارير نساجها عَبَرات

وينسج للهموم اشجن النغمات


عظيم يا عمر

من اخر مرة قرأتلك شي بالثانوية
بهاي الخاطرة

تفوقت على نفسك

دمت وبود اختك :)

[ عُمر أبو صيام ] يقول...

الأخت عُلا وتد: فعلا، ربّما كان الحبّ كفصولُ السنة، دقيقا وذكيّا، يعرف في أيّ وقتٍ ينمو وفي أيّ زمنٍ يذوب..! شكرا لوجودك :)

الأخت سندس أبو هلال: شكرا لإطرائكِ أختي (وبنت خالتي ^^") .. أتمنى أن تزورينا مرّة أخرى :)

الأخت حِبّ الأقصى، شكرا لمروركم أختي، وربّما كان ما كتبته غيض من فيض، شكرا لدعمكِ وكلماتك، أتمنى أن أكون فعلا قد تطورتُ منذ أيام الثانوية :)
أشكركِ على وجودكِ، وأتمنّى أن تزورينا مرّةً أخرى


شكرا لمروركم :)